بسم الله الرحمن الرحيم
روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : (القبر روضة من رياض الجنة , أو حفرة من حفر النار)
وروي أيضا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : ((يقول القبر للميت حين يوضع فيه : ويحك يا ابن آدم !ما غرك ؟ ! ألم تعلم أني بيت الظلمة , وبيت الوحدة وبيت الدود))
وروى الترمذي عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مصلاَّه , فرأى ناس كأنهم يكثرون , فقال : ((أما إنكم لو أكثرتم من ذكر هاذم اللذات لشغلكم عن ما أرى , فأكثروا ذكر هاذم اللذات الموت , لإنه لم يأت على القبر يوم إلا يتكلم فيقول : أنا بيت الغربة , أنا بيت الوحدة , أنا بيت التراب , أنا بيت الدود . فإن دفن العبد المؤمن قال له القبر : مرحبا وأهلا , أما إن كنت لأحب من يمشي على ظهري إليَّ , فإذ وليتك اليوم وصرت إليَّ , فسترى صنيعي بك , فيتسع له مد بصره , ويفتح له باب إلى الجنة , وإذا دفن العبد الفاجر أو الكافر قال له القبر : لا مرحبا ولا أهلا , أما إن كنت لأبغض من يمشي على ظهري إليَّ , فإذ وليتك اليوم وصرت إليَّ ,فسترى صنيعي بك ,قال : فيلتئم عليه حتى تختلف أضلاعه )) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصابعه , فأدخل بعضها في بعض قال :
((ويقيض له سبعون تنيناً لو أن واحدا منها نفخ في الأرض ما أنبتت شيئا ما بقيت الدنيا , فينهشه ويخدشه , حتى يقضى به إلى الحساب ))
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ((القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار))
وقال كعب : إذا وضع الرجل الصالح في قبره , احتوشته أعماله الصالحة : الصلاة , والصيام , والحج , والجهاد , والصدقة . وقال : وتجيء ملائكة العذاب من قبل رجليه فتقول الصلاة : إليكم عنه فلا سبيل لكم عليه , فقد أطال بي القيام لله عز وجل , قال فيأتونه من قبل رأسه , فيقول الصيام : لا سبيل لكم عليه فقد أطال بي الصيام , قال فيأتونه من قبل جسده , فيقول الحج والجهاد : إليكم عنه فقد انصب نفسه وأتعب بدنه , وحج وجاهد لله عز وجل , لا سبيل لكم عليه , فيأتونه من قبل يديه فتقول الصدقة : كم من صدقة خرجت من هاتين اليدين حتى وضعت في يد الله ابتغاء وجهه , فلا سبيل لكم عليه
قال : فيقال له : هنيئا طبت حيا , وطبت ميتا , قال وتأتيه ملائكة الرحمة , فتفرشه فراشا في الجنة ودثارا من الجنة , فيفسح له في قوة مد مصره , ويأتى بقنديل من الجنة يستضيء بنوره إلى يوم يبعثه الله من قبره .
وعن أنس بن مالك أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم , أتاه ملكان فيقعدانه , فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل محمد صلى الله وآله وسلم , فأما المؤمن فيقول :
أشهد أنه عبد الله ورسوله . فيقولان : أنظر إلى مقعدك من النار , قد أبدلك الله عز وجل به مقعدا في الجنة . قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : فيراهما جميعا . وأما الفاجر أو المنافق فيقال له : ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول : لا أدري كنت أقول ما يقول الناس , فيقال له : لا دريت ولا تليت , ثم يضرب بمطارق من حديد ضربة بين أذنيه , فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين ))
((أخرجاه في الصحيحين))
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال : لما أخرجت جنازة سعد بن معاذ وسوينا عليها , التفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : ((ما من أحد من الناس إلا وله ضغطة في قبره , ولو كان منفلتا منها أحد لانفلت منها سعد بن معاذ )). وذكر باقي الحديث .
وعن عبد الله الصنعاني قال : رأيت يزيد بن هارون في المنام بعد موته بأربع ليال , فقلت : ما فعل الله بك؟ قال : تقبل مني الحسنات وتجاوز عني السيئات . قلت : وما كان بعد ذلك ؟ قال : وهل يكون من الكريم إلا الكرم , غفر لي ذنوبي وأدخلني الجنة , قلت بما نلت الذي نلت ؟ قال : بمجالس الذكر , وقولي الحق , وصدقي في الحديث , وطول قيامي في الصلاة , وصبري على الفقر , قلت منكر ونكير حق ؟ قال : أي والله الذي لا إله إلا هو : لقد أقعداني وسألاني : من ربك ؟ وما دينك , ومن نبيك ؟ فجعلت أنفض لحيتي البيضاء من التراب وقلت : مثلي يسأل ؟! أنا يزيد بن هارون الواسطي , كنت في دار الدنيا ستين سنة أعلم الناس ؟ فقال أحدهما صدق , هو يزيد بن هارون , نم نومة العروس , فلا روعة عليك بعد اليوم .
من كتاب منهاج القاصدين للإمام الشيخ أحمد بن عبد الرحمن بن قدامة المقدسي